کد مطلب:239413 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:190

و کل ذلک لم یکفهم
و لكن العباسیین قد وجدوا أن ذلك كله لم یكن ینطلی علی أحد . و أن الأمور - مع ذلك - تسیر فی غیر صالحهم ؛ و لهذا فان من الافضل و الأجدی لهم أن لا یفسحوا المجال للعلویین للمنطق و الحجاج ؛ فان ذلك من شأنه أن یظهر كل ما كان یتمتع به العلویون من خصائص و ممیزات علیهم. هذا ان لم ینته الأمر بفضیحة ساحقة للعباسیین، و كشف حقیقتهم و واقعهم أما الملأ، الأمر الذی كان یزعجهم، و یقض مضاجعهم الی حد كبیر ..

و اذن .. فان من الحكمة أن یتبعوا أسالیب أخری من أجل القضاء علی العلویین..

و لم تكفهم مراقبتهم لهم، حتی لم یكونوا یغفلون عنهم طرفة عین أبدا، من أجل التعرف علی أحوالهم، و احصاء كل حركاتهم، ابتداء من السفاح، ثم اتبعه الخلفاء علی ذلك من بعده ..

كما لم یكفهم .. التهدید و الوعید الذی كانوا یواجهونهم به ؛ بهدف اضعاف شخصیاتهم، و تحطیم معنویاتهم ..

كما لم یكفهم مصادرة أموالهم، و هدم بیوتهم، و منعهم من السعی من أجل الحصول علی لقمة العیش، حتی لقد بلغ البؤس بهم أن : العلویات كن یتداولن الثوب الواحد من أجل الصلاة [1] .

و كذلك لم یكفهم .. عزلهم عن الناس، و منع كل أحد من الوصول الیهم، تمهیدا لتشویه سمعتهم بما أمكنهم من أسالیب الكذب و الافتراء،



[ صفحه 85]



و ان كانت سیرتهم الحمیدة، و خصوصا أهل البیت منهم، كانت تدفع كل شائعة، و سلوكهم المثالی یدحض كل افتراء ..

و أما الاضطهاد و التشرید، وزج العشرات و المئات منهم فی السجون الرهیبة، التی كان من یدخل الیها لا یأمل بالخروج منها ؛ حیث ان دخول السجن انما كان یعنی فی الحقیقة دخول القبر .. و أما دسهم السم لكل شخصیة لا یستطیعون الاعتداء علیها جهارا - أما ذلك - فلم یكن لیكفیهم أیضا، و لا لیقنعهم قطعا .. حیث انهم انما كانوا متعطشن الی الولوغ فی دمائهم، و مشتاقین الی التفنن فی تعذیبهم، و اختراع أسالیب جدیدة فی ذلك ؛ فسمروا بالحیطان من سمروا، و أماتوا جوعا من أماتوا، و وضعوا فی الاسطوانات منهم من وضعوا .. الی غیر ذلك مما یظهر لكل من له أدنی اطلاع علی تاریخهم، و تاریخ سلوكهم مع أبناء عمهم العلویین..

و أما قتلهم لهم جماعات، فأشهر من أن یحتاج الی بیان .. و قضیة المنصور مع بنی حسن لا یكاد یخلو منها كتاب تاریخی .. و كذلك قضیة الستین علویا، الذین قتلوا بأمر من الخلیفة « المنصور » باستثناء غلام منهم، لانبات بعارضیه [2] .



[ صفحه 86]




[1] كان ذلك في زمن المتوكل، راجع : بند تاريخ ج 1 ص 72، و مقاتل الطالبيين ص 599.

[2] هذا ما نقله في شرح شافية أبي فراس ص 174 عن الدر النظيم، عن أحمد بن حنبل، الذي رأي رجلا متعلقا بأستار الكعبة، يضرع الي الله بالمغفرة، و أقر له بأنه بني علي هؤلاء ما عدا الغلام المذكور بأمر من المنصور .. و في عيون أخبار الرضا ج 1 ص 108، فما بعدها، و شرح ميمية أبي فراس ص 177 ،176، و البحار ج 48 ص 176 فما بعدها .. قصة شبيهة بهذه ينقلها عن حميد بن قحطبة الذي كان يفطر في شهر رمضان، ليأسه من مغفرة الله، لأنه قتل ستين علويا في ليلة واحدة بأمر من الرشيد .. و لكن الظاهر أن ذكر الرشيد اشتباه من الراوي، و لعله عمدي ؛ لأن حميدا قد مات سنة 158، علي ما صرح به في البحار ج 48 ص 322، و خلافة هارون الرشيد انما بدأت سنة 170، و لعل القصة الحقيقية هي ما عن أحمد بن حنبل، و انما حرفها المحرفون لحاجة في نفس يعقوب، لا تخفي علي المتتبع الخبير، و الناقد البصير.